بقلم: مصطفى سالم
لم يكن الفنان طوغان فناناً عادياً، بل كان فناناً مميزاً صاحب تجربة حياتية فريدة ومسيرة فنية حافلة أخلص فيها لفن الكاريكاتير وقدم أعمالا ساهمت في انتشار الوعي والثقافه والمعرفة ووظف فنه لخدمة قضايا الإنسان والدفاع عن حقوقه ودعم المناضلين ضد الاستعمار في كل مكان.
الفنان أحمد طوغان (1926-2014) من أبرز وأهم رسامي الكاريكاتير في مصر والعالم العربي وصاحب مشوار فني وصحفي متميز وحافل يزيد على الستين عاماً، ساهم فيه مع رخا وعبد السميع وزهدي في تمصير فن الكاريكاتير وانتشاره، ودافع في رسومه عن قضايا الحريات وحقوق الإنسان وحرية الشعوب وناقش كل القضايا والمشاكل التي يعاني منها المواطن المصري والعربي و كان له موقف سياسي واضح تجاه تلك القضايا.
شارك الفنان الكبير في تأسيس جريدة الجمهورية عام 1953 بدعوة من الرئيس الراحل أنور السادات الذي كانت تربطه به علاقة صداقة ونشر رسومه الكاريكاتيرية علي صفحاتها بشكل يومي وأصبح أحد أعمدتها الأساسية، كما عمل خلال مسيرته الصحفية الطويلة في العديد من الصحف والمجلات مثل مجلة الجمهور المصري والمساء وأخبار اليوم وروزاليوسف وساهم في تأسيس مجلة كاريكاتير مع الفنان مصطفى حسين وهي المجلة الوحيده المتخصصة في هذا الفن.
أصدر الفنان الكبير طوغان كتباً كثيرة أولها وأشهرها كتابه "قضايا الشعوب" الذي صدر عن دار التحرير عام 1957 وكتب مقدمته الرئيس الراحل أنور السادات.
عمل الفنان الكبير في روزاليوسف -مدرسة الكاريكاتير الأولي- أواخر الأربعينات والتي قال عنها: "كانت فاطمة اليوسف تعطيني علي الرسمة الواحدة عشرين قرشا وفي إحدى المرات رسمت مظاهرة فقلت لها ضاحكاً أريد عن رسم كل وجه في اللوحة عشرين قرشا".
وعن بداياته الأولى مع فن الكاريكاتير قال الفنان الكبير إن البداية جاءت عن طريق صديق العمر محمود السعدني الذي شاهده وهو يرسم بالطباشير على الجدران في الشوارع أيام الحرب العالمية الثانية وكان يرسم الجنود الإنجليز وهم يجرون أمام الألمان، ومن خلال السعدني تعرف على الفنان رخا رائد فن الكاريكاتير المصري.
اهتم طوغان بكل عنصر من عناصر لوحاته الكاريكاتيرية مثل الخلفيات والتعامل معها كعنصر هام يضيف بعداً للرسم أيضا شخصياته الكاريكاتيرية والتركيز على تفاصيلها وصفاتها الجسدية وملامحها الشكلية واهتمامه بتوظيف لغة الجسد في رسومه وهو أمر ضروري عند رسم الأشخاص (مثل الحركات الجسدية و تعبيرات الوجه والإيماءات والإشارات) كلها تفاصيل حرص عليها الفنان ليقدم الكاريكاتير في أفضل صورة.
كان طوغان مؤمناً بالقومية العربية وحارب إسرائيل بالكاريكاتير حتي اتهموه بمعاداة السامية واعتبروه عدوا لهم، كما آمن بدور الكاريكاتير ورسالته وتأثيره.
كان الفنان الكبير طوغان يتمتع بموهبة العطاء وتشجيع المواهب ومساعدة الفنانين الشباب ودعمهم بمنتهى التواضع و البساطة وهي من صفات الفنانين العظام أمثال طوغان.