recent
News

أحباؤه ودعوه بالفن.. محمد حاكم.. فيلسوف الكاريكاتير

Home

محمد حاكم.. فيلسوف الكاريكاتير

 
بقلم: منى عبد الكريم

«محمد حاكم كان فنان كاريكاتير له قلب يسع العالم».. بهذه العبارة اختارت الفنانة التشكيلية مرفت شاذلى أن تودع الفنان محمد حاكم، الذى رحل عن عالمنا فى 2 يوليو الجارى، بعد رحلة عطاء طويلة فى فن الكاريكاتير.

والحقيقة أن وداع حاكم على مواقع التواصل الاجتماعى فاض بالمحبة تماما، فقد كان حاكم فى حياته بشوشا، محبا، فنانا جمع بين البساطة والعمق فى شخصه وفى أعماله الفنية.

وقد أعاد كثير من الفنانين نشر جانب من أعماله الكاريكاتيرية، كما نشر بعضهم كذلك البورتريهات والأعمال التى رسموها له، كما نشر متحف الفيوم للكاريكاتير كذلك جانبا من أعماله المقتناة بالمتحف، حيث يضم ما يقرب من خمسة وعشرين عملا له، يعرض منها عشرة أعمال للزوار، مع كلمات وداع تؤكد مكانة الفنان الراسخة فى عالم الكاريكاتير، ونشر المتحف على صفحته نعياً يقول فيه إن «مصر فقدت قامةً من قمم فن الكاريكاتير.
 
 
من أعمال الفنان محمد حاكم
من أعمال الفنان محمد حاكم
 
لم يقتصر عمل الفنان الكبير محمد حاكم على تجسيد ملامح الناس فحسب، بل كان أيضًا مرآةً تعكس واقع المجتمع. سنفتقد صوته النقدى والفطن، وروحه المرحة. مع السلامة يا عم حاكم يا جميل» ويذكر الفنان التشكيلى محمد عبلة مؤسس المتحف أن حاكم كان لديه اهتمام بالكاريكاتير السياسى والاجتماعى بشكل كبير، لذا كان مهما جدا أن تتضمن المجموعة المقتناة بالمتحف عددًا من أعماله فى الكاريكاتير السياسى حيث اتسمت رسومه السياسية بقوتها، بخلاف أعماله التى تجمع بين الرسم والكاريكاتير والشعبيات، فحاكم اهتم بالإنسان المصرى وبرع حاكم فى رسم الناس الطيبين.
 
والفنان محمد حاكم هو الأخ الأصغر للفنان حسن حاكم، وله أصول سودانية، حيث هاجر والده من قرية شبا شمال السودان لمصر واستقر بقرية أنشاص الرمل محافظة الشرقية، وقد ولد محمد حاكم عام 1943، وعلى الرغم من أنه لم يدرس الفن حيث تخرج من كلية الآداب إلا أنه تشرب الفن على يد أخيه الأكبر الفنان حسن حاكم والذى يعتبر أستاذه ومعلمه.. وكانت بداية محمد حاكم فى دار الهلال» ثم فى جريدة «المساء» ثم مجلة «صباح الخير» وعمل كذلك بـ«روز اليوسف».. وبجانب عمله فى الصحافة تميز حاكم فى رسوم كتب الأطفال.
 
وعلى الصعيد الإنسانى ترك بصمة كبيرة فى وجدان كل من عرفه.. يقول فوزى مرسى رسام الكاريكاتير والأمين العام للجمعية المصرية للكاريكاتير: عم حاكم كان الأب الحنون لمعظم رسامى الكاريكاتير.. أتذكر فى بداياتى عندما ذهبت له بمكتبه فى مؤسسة «روز اليوسف» استقبلنى بكل حفاوة.. كان متواضعا بدرجة كبيرة.. لا يشعرك أنك أمام أستاذ أو فنان كبير بل أب حنون يقدم نصائحه وتعليقاته على أعمالك الفنية بكل حب. كان داعما كبيرا لنا وللجمعية المصرية للكاريكاتير دون السعى لأى مناصب.. وهو كذلك أحد رواد فن الكاريكاتير المصرى والعربى.. حيث امتلك ريشة متفردة ترصد وتوثق أحداث كثيرة فى مصر وغيرها من الدول.. وتناول فى أعماله الفنية الكثير من الموضوعات التى تدافع عن المواطن البسيط وتحمل همومه وتشعر بآلام البسطاء، وتنقل معاناتهم اليومية بأسلوبه السهل.
 
 
محمد حاكم بريشة الفنان وجيه يسى
محمد حاكم بريشة الفنان وجيه يسى
 
أما الفنان سمير عبد الغنى فلديه ذكريات كثيرة ومواقف عديدة جمعته بالفنان محمد حاكم، وقد كتب عن بعضها فى بوابة روز اليوسف الإلكترونية تحت عنوان «وداعا محمد حاكم.. فيلسوف الكاريكاتير» قائلا  إنه «واحد من أجمل الرسامين الذين تفتخر بهم مصر. هو ليس مجرد رسام، هو دكتور فى الاجتماع.. ولقد بلغ مبلغا عظيما فى صناعة اللوحة الكاريكاتورية، وأعماله فى متحف الكاريكاتير بالفيوم وبيت جلال بميدان عابدين خير دليل على ذلك.... وحين تتأمل رسومه تستطيع أن تشم رائحة المكان والأشخاص. هؤلاء الذين يملأون الكادر فى لوحاته يشبهون البشر الذين تراهم فى الشارع. هو يعرف الفرق بين الشخص الذى يأتى من الصعيد والشخص الذى يأتى من مدينه ساحلية.. والشخص الذى ولد وعاش فى القاهرة».
 
وكان لحاكم قدرة مدهشة على الحكى حتى أن الفنان عبد الرحمن أبو بكر، رئيس قسم الكاريكاتير بجريدة «أخبار اليوم» ودعه على صفحته على الفيسبوك مستخدما وصف «حكوم.. الحكواتى».. مضيفا: «عم حاكم.. كما نناديه ونوقره.. أستاذ فلسفة الحياة والرسم، من أكبر رسامى الكاريكاتير بمجلتى «صباح الخير» و«روز اليوسف».. أحببته لسنوات على الورق من أعماله وازدادت محبته بعد مقابلته وسماع حكاويه اللامنتهية» ، أما الفنان هانى عبد الجواد فنشر على صفحته بورتريها للفنان محمد حاكم قائلا: «جمعنى لقاءات عديدة به بشكل أسبوعى فى الجمعية المصرية للكارياتير، وأيضا فى صالونات فنية عامرة بحكاويه الجميلة التى كان يروى فيها ذكرياته مع نجوم مصر والوطن العربى، بداية من فترة دراسته كطالب بالكلية الآداب وحتى قبل وفاته بشهور قليلة. ورغم إتقانه لفنه وقوه رسومه الكاريكاتيرية، سواء بتعليق أو بدون تعليق، إلا أنك عندما تتحدث معه تجد تواضعاً وبساطة بشكل غير عادى تدل على أصوله وتربيته الراقية».
 
محمد حاكم بريشة الفنان البحريني على الصميخ
محمد حاكم بريشة الفنان البحريني على الصميخ
 
وقد امتد أثر حاكم كذلك لفنانى الكاريكاتير فى الوطن العربى فالفنان البحرينى على الصميخ رسمه ما يقرب من أربع مرات، وكان قد التقى به لأول مرة عام ٢٠١٦، أثناء الملتقى الدولى للكاريكاتير. يروى الصميخ ذكرياته عن تلك الفترة قائلا: «حدث ذلك فى دار الأوبرا حيث دُعيت لحضور الحفل بعد تتويجى بالمركز الأول لجائزة الفنان جورج البهجورى وكان موضوعها كوكب الشرق أم كلثوم، أما المرة الثانية التى قابلت فيها حاكم فكانت عندما أقمت معرضى الشخصى الأول بمتحف الفيوم للكاريكاتير عام ٢٠٢١، بدعوة كريمة من الفنان الكبير محمد عبلة، وقد سعدت كثيرا عندما فاجأنى العم حاكم بحضوره وافتتاحه المعرض بنفسه، كان ذلك يعنى لى الكثير، فهو فنان صاحب بصمة تاريخية، وصاحب مدرسة متفردة فى فن الكاريكاتير، وقد دارت بيننا أحاديث وقصص شيقة فى تقنيات فن الكاريكاتير والأحداث السياسية والتاريخية المرتبطة به.
 
ما لمسته فى هذا الرجل الحكيم، البساطة والعمق.. عمق الفكر وبساطة الحديث، فالحديث معه لا يمكن أن يُمل لما يمتلكه من فكر خلاق وروح إنسانية محبة، وقد شكل خبر رحيله صدمة محزنه لى ولجميع من أحاطهم بمحبته وحضوره الطاغى».
 
تأثير محمد حاكم الفنى لم يتوقف عند أولئك الذين عرفوه عن قرب، فقد رسم يوسف ويلسون وهو رسام كتب أطفال ومصمم جرافيك بورتريها فى وداع حاكم، وحين سألته عن سر تأثره به أكد لى أنه لم يلتق به لكن أعماله وخطوطه لا تزال مصدر إلهام كبير له، وأضاف: «أتذكر لهفتى وأنا أتأمل رسومه الكاريكاتيرية فى مجلة كاريكاتير، كانت صفحته أول صفحة أبحث عنها بالمجلة، كانت دائما مفاجأة لطيفة أن أجد له قصة مصورة منشورة بمجلة ماجد، تعلمت من رسومه الكثير وعلى الرغم أن الحظ لم يحالفنى بمقابلته لكننى كنت دائما ألتقى به من خلال رسومه ونكاته الذكية».
 
جريدة أخبار الأدب


من أعمال الفنان محمد حاكم
من أعمال الفنان محمد حاكم

google-playkhamsatmostaqltradent