بقلم: مصطفى سالم
الكتابة عن فنان بقدر الرسام المبدع حجازي مسئولية كبيرة فهو الرسام الأكثر شعبية وتأثيراً في تاريخ الكاريكاتير المصري وموهبة فذة لن تتكرر وله تاريخ كبير من الأعمال الفنية المتميزة في الكاريكاتير والرسم الصحفي ورسوم الأطفال التي تعد مرجعاً مهماً لكل الأحداث التاريخية التي شهدتها مصر خلال مسيرته الفنية التي تزيد على ٥٠ عاماً.
يعد أحمد حجازي الشهير بحجازي (1936-2011) من أغزر الفنانين المصريين إنتاجاً وأكثرهم حضوراً وتأثيراً فهو صاحب تجربة فنية متميزة يمتد تأثيرها لأجيال ومدرسة في الكاريكاتير لها بالغ الأثر في نشر الوعي والثقافه والتغيير نحو الأفضل.
تربع حجازي علي عرش الكاريكاتير السياسي والاجتماعي طيلة الخمسينيات وحتى الثمانينيات وأحدث نقلة في تاريخ الكاريكاتير المصري الحديث جنباً إلى جنب صلاح جاهين وبهجت عثمان وجورج البهجوري وإيهاب شاكر ومحي اللباد وصلاح الليثي وناجي كامل ورجائي ونيس، وذلك علي مستوي المواضيع والأفكار المطروحة في الكاريكاتير وأيضاً الخطوط والأسلوب الفني.
بدأ الفنان الكبير حياته الفنية رساماً للكاريكاتير بمجلة روزاليوسف منذ عام 1956، وظل هو بيته الأول الذي يعتز به، ومنذ ذلك التاريخ وحتى فترة الثمانينيات كانت رسومه تأريخا لمراحل من أهم مراحل التاريخ المعاصر والتي ناقش من خلالها الكثير من القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بأفكار جديدة وقوية وجريئة، أكثر تحرراً وتمرداً علي التقاليد والأعراف الاجتماعية والأفكار الكلاسيكية الجامدة، وتنحاز بشكل أساسي للطبقات الفقيرة والمطحونة بأسلوب يجمع بين البساطة المتناهية والعمق الشديد، وخطوط انسيابية رشيقة تتسم بالإختزال والبساطة، أيضا شخصياته الكاريكاتيرية التي تدعو للضحك حتى قبل قراءة التعليق من الفقراء المطحونين و أولاد البلد الظرفاء والموظفين المرتشين والمساطيل والأغنياء وكل أبطال لوحاته الكاريكاتيرية التي صاغها بسخرية لاذعة وعبقرية متفردة.
كان لحجازي وجهة نظر خاصة ورأي مستقل، لا يرسم بتوجيه ولا يسعي لإرضاء أحد، فعندما تولى الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين رئاسة تحرير أخبار اليوم ترك حجازي روزاليوسف وصباح الخير وذهب إلي هناك، ولكنه لم يستمر لأنه وجد أن هناك من يضعون الأفكار للرسام ليقوم بتنفيذها و و ما لم يقبله وعاد مرة أخرى لروزاليوسف و صباح الخير، لأنه لم ينسجم مع أسلوب العمل في أخبار اليوم ورفض أن يكون منفذا لأفكار الآخرين فهو يريد أن يرسم أفكاره ويكون هو المسؤول الأول والأخير عن الكاريكاتير.
ساهم الفنان الكبير في تأسيس مجلة ماجد الإماراتية سنة 1979 والتي تركت أثراً كبيراً على الأطفال في مصر والوطن العربي وجيل الثمانينيات تحديداً الذي تعلق بشخصيات المجلة المحبوبة مثل "شمسة ودانة" و"كسلان جدا وأخوه نشيط" و"موزة الحبوبة وشقيقها رشود" و"ثنائي فريق البحث الجنائي النقيب خلفان و المساعد فهمان" و "أبو الظرفاء" و"فضولي" الشخصية الأشهر للفنان حجازي، والذي كان يظهر في مسابقة "ابحث عن فضولي" ويتخفى في أي صفحة من صفحات المجلة ليبحث عنه القراء بشغف كبير.
ترك حجازي أيضا بصمته الخاصة في مجلة الأطفال العريقة سمير والتي تصدر منذ عام 1956 عن دار الهلال المصرية، وشارك برسم العديد من القصص المصورة في المجلة وكان أول ظهور لشخصيات تنابلة الصبيان الشهيرة "شملول وبهلول وتمبول" التي ابتكرها حجازي على صفحات مجلة سمير في الستينيات، وحظيت باهتمام كبير ونجحت في جذب الأطفال إليها وأصبحت من أشهر شخصيات المجلة في تلك الفترة، وتلك هي عبقرية حجازي الذي نجح بشكل كبير وغير مسبوق في مخاطبة الأطفال في الوطن العربي كله من خلال شخصيات لها طابع كاريكاتيري، تنتقد سلبيات المجتمع بشكل ساخر لا يخلو من عمق ومغزى.
تحية إلي الفنان حجازي الذي ألهمنا وعلمنا وتحية إلى تاريخه الفني العظيم.