أطلقت مدونة إيجبت كارتون بالتعاون مع مجلة توميتو كارتون مسابقة لرسم شخصية رسام الكاريكاتير السوري القدير عبد الهادى شماع، وتهدف المسابقة حسب موقع المدونة على فيس بوك إلى تسليط الضوء على أهم مبدعي وفرسان الكرتون في الوطن العربي والعالم وتحتفي المسابقة في نسختها الأولى بفنان امتلك من خلال مسيرته الطويلة مع فن الكاريكاتير قدرة استثنائية على التقاط أفكار من حياتنا اليومية وخطوطه ورسوماته العميقة لامست هموم الإنسان وآلامه، إضافة إلى بساطة فكرته وعمق معانيها التي جعلت رسام الكاريكاتير السوري "عبد الهادى شماع" قادرا على جذب الجمهور إلى رسوماته حقق حضورا ملحوظا في عالم الكاريكاتير وخلق بصمته الخاصة به.
مشاركات واسعة
حسب ذات المصدر استقبلت المسابقة عدد كبير من المشاركات العربية والأجنبية، وقد امتازت بتنوع الأساليب الساخرة الأمر الذى يؤكد بدوره أن فن الكاريكاتير مجال مستقل وقائم بذاته يتضمن العديد من الأصناف التي تمتد إلى السيريالية والتكعيبية أيضا، والتي عكست صور مختلفة للفنان حسب رؤية المشتغلين في هذا الفن.
ومن جهته أكد شماع عبر حائطـه عـلـى فـيـس بوك أن: "حين وصلني البورتريه الجميل الذي رسمته الفنانة التايوانية Liu Chia Hui سرقتني دقة التنفيذ والخطوط المتلاحقة ذات الخصوصية المبهرة, كما سرقني جمال الأسلوب وأعادني إلى عشقي الأول ( فن الحفر).. تخيلت للحظة اني كنت أنا من نفذ هذا الرسم الجميل وكم المتعه التي كنت أعيشها وأنا أرسم خطوطاً سوداء وأعود لأخفف من عتمتها بخطوط بيضاء تعارضها فأحصل على درجات لونية مشبعة بالروح والإحساس .. شكرا على هذه اللحظة الجميلة .. شكراً لك .. Liu Chia Hui.
Caricature by Liu Chia Hui - Taiwan |
ويؤكد شماع أن بعض رسامي الكاريكاتير حين يقومون برسم بورتريه لشخص معين لا يقفوا عن حدود الملامح والتقاطيع بل يتعدوا ذلك إلى تضمين العمل الفني عناصر إضافية تعطي فكرة مختصرة عنه أو موقفاً يوضح شيئاً من ميزات الشخص المرسوم او الحال الذي هو فيه الرسام المكسيكي Arturo Rosas اختصر بهذا الشكل حالة معظم رسامي الكاريكاتير الواقعين بحكم قدرهم وشغفهم في محيط هائج من الشرور والخطايا لكنهم دائماً يرسمون للخير والجمال والمستقبل الأفضل .. شكراً لك يا شريكي في الشغف Arturo Rosas.
ويتابع شماع بعين الناقد والمتفحص لطبيعة الخطوط المشاغبة: سمير عبد الغني صديق لم ألتقه قبلاً، لكني كنت أتابع رسومه خفيفة الظل.. سمير يعتمد الخطوط البسيطة اللينة والمختزلة لتشكيل شخوصه الظرفاء وتعليقاتهم الساخرة، بما يقترب من واحد من أساليب الأطفال، وهذا يبدو لي منسجماً بدرجة ما مع وجهه «المبتسم دائماً».. والوجه غالباً ما يحتوي على بوابة سرية تفضي الى القلب.. عرفت من صديق مشترك أنه لا يميل لرسم البورتريه ولا سابقة له في هذا المجال، لكن يبدو أن ملامحي أغرته للمحاولة فكان هذا البورتريه اللطيف الذي أشعرني بالسرور لسببين: الأول اني نجحت - دونقصد - أن أضيف لرسامي البورتريه الكاريكاتيري نجماً جديداً، والثاني اكتشافي بأن ملامحي بخطوط سمير تصلح لبناء قصة أطفال بطلها «بابا عبدو».. سمير عبد الغني.. فرصة سعيدة لي أن أرى نفسي مرسوماً بريشتك.
وينتقل شماع إلى تعابير أخرى تظهر في لوحة الروسي زاكير: يعتقد بعض النقاد أن ليوناردو دافنشي حين قام بتصوير السيدة ليزا ديل جوكوندو الشهيرة بالموناليزا، إنما كان يرسم نفسه بشكل من الأشكال، وهذا يحدث حين يلتقي الانسجام التشكيلي بصفاء الروح ليشكلا معاً لحظة الخلق الفني، طبعاً هذا غير قليلاً من مفهوم علاقة الراسم بالمرسوم وكشف بأن خيطاً خفياً يتسلل في ثنايا الخطوط والألوان يمزج أحيانا بين الأنـا والـ هو في حالة يحكمها الوجدان حين ظهرت لدي صورة الصديق زاكير تأكدت أن هذا الاعتقاد صحيح.. شكراً يا صديقي Zakir Sagitov.
Caricature by Zakir Sagitov - Russia |
ويضيف شماع: قلة من رسامي الكاريكاتير يعتمدون الأسلوب الهندسي في تحليل الوجوه ورسم تعبيراتها بخطوط صريحة وكتل واضحة وزوايا متقنة.. هم قلة.. "ربما لصعوبة هذا الأسلوب وحساسيته"، الفنان الاسباني Néstor Dámaso del Pino من هؤلاء القلائل .. أوجه له التحية والكثير من التقدير.
Caricature by Néstor Dámaso del Pino - Spain |
كما عرج على تنوع الأساليب التي انتهدها المشاركين في أعمالهم مؤكدا على أن المسابقة أفرزت حصيلة من التعددية الإيجابية كما استدعت بعض الأساليب النادرة جدا في الساحة الساخرة: يبدو أن نشر رسوم المسابقة بتعدد أساليبها وجمال تقنياتها بدأت تغري الأصدقاء لمحاولات الخوض في هذا المجال الطريف والمسلي والصعب بذات الوقت, وهذا بحد ذاته إنجاز وواحد من الأهداف غير المباشرة لنشر هذه الأعمال تباعاً.. الصديق الشاعر والفنان مازن العليوي وجه لي تحية بطريقته.. فكان لها عندي قيمة كبيرة لأنها المحاولة الأولى له في هذا المجال.. -وقد تكون الأخيرة- مهّد لها بالقول: (يوم ضُبط صديقنا الفنان عبدالهادي شماع متلبساً بالغمزة المشهودة لتلك الصبية في المطعم إياه المحاولة الأولى والأخيرة في ميدان صعب من الرسم ليس لي فيه ناقة ولا بعير).
يواصل تتبع مسارات تجربة رؤية ملامحة بوضوح أمام تعدد رؤى زملائه في حقل الكاريكاتير ليقف عند مشاركة التشكيلي البحريني علي الصميخ مبينا: لطالما كنت معجبا برسومات الصديق البحريني الصميخ وطريقته اللافتة في تنفيذها بل قدرته الفائقة على التقاط تعابير خفية لا تظهر دائما على وجوه طرائده في الحالات الاعتيادية، ولطالما تمنيت أن أكون يومـا أحـد هـؤلاء، أتحفني بمرآة سحرية جميلة أرى فيها خبايا روحي.. شكر يا علي.
يذكر أن الفنان عبد الهادى شماع، رسام كاريكاتير من مواليد سوريا عام 1954، درس التشكيل وتحصل على درجة البكالوريوس من جامعة دمشق للفنون الجميلة، سرعان ما تنبأت الصحف المحلية لموهبته حيث بدأ مسيرته بالنشر لدى الوطن السورية، بدأ بنشر رسوماته عام 1977، وأقام معرضاً ثنائياً مع الفنان ناجي العلي في حلب عام 1979، كما أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية في سوريا ولبنان وجمهورية التشيك، وهو عضو مؤسس مشارك في جمعية رسامي الكاريكاتير العرب.
صحفية أوكر .. العدد 24